تأملات | ما أعددت لها..!

ينشغل الناس في هذه الأيام بالكثير من الأحداث الاستثنائية والغير معتادة، وتبدو الأمور العالمية متدهورة ومليئة بالتحديات والأزمات، مثلاً (الزلازل المدمرة المتكررة، الفتن، انحسارات البحار… وغيرها من فتن “آخر الزمان”). ومن هذا المنطلق، يمكن أن ينغمس وينجذب الناس بشكل أكبر للأخبار والتطورات الجديدة، ويبتعدون بذلك عن القيام بواجباتهم في هذه الدنيا، منها دينية ومنها اجتماعية ومنها التكليف في “عمارة الأرض” ويتجاهلون الكثير من القيم والأخلاق الإنسانية الهامة.

الطريق إلى ..؟
الطريق إلى ..؟

الواجبات المهملة

على المؤمين أن ينشغلوا بترسيخ القيم والأخلاق وإحسان التعامل مع الآخرين. ومن الضروري أن نتذكر أن هذه الواجبات هي أساس ديننا وصلاح معيشتنا في هذه الدنيا الفانية، ومن شأنها أن تساهم في بناء مجتمع أفضل وأكثر تلاحمًا وتعاونًا.

التذكير بآيات الله سبحانه وتعالى وسبب وجودنا في هذه الدنيا

وضح الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” [الذاريات: 56]، وهذه الآية تذكير للإنسان، بالسبب الأساسي من خلق الإنسان، وهو العبادة وطاعة الله، ولا تقتصر العبادة هنا فقط على اداء الفرائض مع انها الاساس والاهم، وانما يشمل جميع تعاملات الانسان مع البشر والحيوانات والجمادات، وحتى في مجالات الفكر والأدب والاعتقادات…

أما الانشغال بحسابات علامات وأشراط الساعة، والدخول في تحليلات وتصديق لكل من هب ودب ممن يثيرون هذه المواضيع التي تفتن الناس وتبعدهم عن حقيقة وجودهم في الحياة الدنيا، ويصدقون او ينكرون على المدعين انهم اصحاب علم آخر الزمان.. بكلام بعيد كل البعد عن كلام الله سبحانه جل في علاج، وعن توصيات سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك على حساب الاسس التي خلقنا الله عليها، فليست هذه هي مهمتنا في الحياة الدنيا، ولم نؤمر ابدا بالبحث عنها ولا تحريها، بل مهمتنا هي تطهير انفسنا من خبثها وتحري السبل التي ترضي ربنا..

قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ)

القول الفصل الذي لا جدل فيه أبداً (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ)

ومن جانب آخر، سأل رجل سيدنا رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم “يا رسولَ اللهِ متى قيامُ السَّاعةِ
فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إلى الصَّلاةِ فلمَّا قضى صلاتَهُ، (وفي هذا إشارة أن اداء العبادة أولى من هذا السؤال) ..
ثم قالَ سيدنا رسول الله: “أينَ السَّائلُ عن قيامِ السَّاعةِ
فقالَ الرَّجلُ: “أَنا يا رسولَ اللَّهِ”
قالَ صلى الله عليه وسلم: “ما أعددتَ لَها

ما أعددتَ لَها..؟

قال سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “ما أعددتَ لَها“، وهو يحث المؤمنين على الاستعداد للحياة الآخرة من خلال اداء العبادات والأعمال الصالحة وتجنب كل ما يغضب الله ورسوله. حيث يجب على المؤمنين أن يقوموا بالعبادات والأعمال الصالحة والتعامل بالاحسان، وتجنب ما حرمه الله، لأن هذه هي المفاتيح التي تفتح أبواب الجنة وتكون وقاية من عذاب النار في الآخرة.

باختصار، ينبغي علينا جميعاً التركيز على الامور التالية، وفقا الحكمة التي تقول: (اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا)

1- مقدمة: ينشغل الناس بالعديد من الأحداث والأمور في حياتهم اليومية، ويتركون بعض الأمور الدينية الأساسية، مثل الصلاة والصوم والزكاة، ويتجاهلون بعض القيم والأخلاق الدينية الهامة.

2- الاهتمام بالعبادة: يجب على المؤمنين الاهتمام بالعبادة وأدائها على الوجه الذي يحبه الله، وعدم تجاهل الأمور الدينية الأساسية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد نجح وأنجح سائر عمله، وإن فسدت فقد خاب وخسر سائر عمله”.

3- الإيمان باليوم الآخر: يجب على المؤمنين أن يؤمنوا باليوم الآخر وأنه سيأتي بالحساب والجزاء. ويتضح ذلك في الآية القرآنية التي تقول “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” (الذاريات: 56)، ويعني هذا أن الإيمان بالله وعبادته يجب أن يتضمن الإيمان باليوم الآخر وأن الحياة الدنيا هي مجرد اختبار للإيمان والأعمال الصالحة.

4- الحفاظ على الوقت: يجب على المؤمنين الحرص على الاستفادة من وقتهم بشكل جيد وتجنب إضاعته في الأمور التي لا تنفع ولا تغني. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ“، فالوقت هو من أغلى النعم التي يمنحنا إياها الله، ويجب علينا استغلاله في الأعمال الصالحة وتحقيق الأهداف الشرعية.
وفي نفس الوقت فإنهم يهملون واجباتهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أثقل شيء في الميزان يوم القيامة حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء“، فعلينا أن نحرص على تحسين أخلاقنا وتطبيق الأخلاق الحميدة في حياتنا اليومية وأن نحافظ على الحدود الشرعية في تعاملنا مع الآخرين.

وأخيرًا، ينبغي على المؤمنين أن يحافظوا على صلاتهم وأن يكثروا من الذكر والاستغفار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أفضل الأعمال صلاة في وقتها“، فلنحرص على تأديتها بإخلاص وتفانٍ، ونسعى جاهدين لتحقيق القرب من الله ونيل رضاه عنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال ويجعلنا من المتقين والمحسنين.

والحمد لله رب العالمين


أضف تعليق